An Integrated, Prosperous and Peaceful Africa.

Top Slides

العنف المنزلي ضد المرأة أثناء الحجر الصحي

العنف المنزلي ضد المرأة أثناء الحجر الصحي

July 15, 2020
العنف المنزلي ضد المرأة أثناء الحجر الصحي
 
في ظل الحجر الصحي والإجراءات الاحترازية للحد من تفشي وباء كورونا، ينتشر وباء من نوع مختلف تماما لكنه ليس أقل خطورة منه في كثير من المجتمعات. بين جدران المنازل فتيات حبيسات تخطين العمر الاجتماعي  المفروض عليهن للزواج يتعرضن للعنف المنزلي بما في ذلك العنف الجسدي واللفظي والإهانة تحت مصطلح "بايرة" والذي يطلق على كل فتاة تعدت العمر الاجتماعي للزواج ولم تتزوج. كما تستعمل كلمات جارحة لنفس الغرض مثل "فاتها قطار الزواج" والتي تنكسر وتصمت الكثير من الفتيات خجلا من نفسها عند سماعها، والتي تصبح ذات وقع شبيه بارتكاب جريمة. 
 
غرس المجتمع الذي تعيش فيه مفاهيما خاطئة فيها أصبحت مسلمات في حياتها، وصاحبها الخوف من أقرب الناس إليها في المنزل كأبيها وأخيها أو غيرهم من أفراد الأسرة، فتغيرت المعادلة حيث أصبحت تتهرب منهم بدل أن تحتمي بهم وتلوذ إليهم، ليصير الصمت حجرتها الآمنة والعزلة سكينتها وملاذ روحها المنهكة. تعاقب بالأعمال المنزلية التي فرضها المجتمع عليها مجبرة على تأدية الأعمال الشاقة التي تكابدها بلا رحمة، والتي تعاقب في حالة عدم أدائها كما ينبغي حتى في أيام الدورة الشهرية فلا تعفى منها ولا يخفف عليها عبئها بالرغم من معرفتهم بخطورة معاناتها المثبتة بالدراسات الطبية. 
 
تعيش الفتاة جوا مليئا بالإهانات وعدم التقدير وانعدام احترام كيانها كإنسان، وتستمر المرأة في الصمت، وهو الأمر الذي يدفعهم للتمادي في اضطهادها، ونفسه الأمر الذي يدفعها أن تحلم بالزواج ظنا منها بأنه الخلاص الأبدي، حالمة -أو متناسية- أن ذلك الزوج هو نتاج نفس المجتمع الهاربة منه،  فتقبل بذلك بأقرب خيار أمامها دون أن تسأل عنه. ويصل الأمر أحيانا بأن يتفق أبوها أو أخوها على تزويجها دون علمها وإكراهها على خيار غير موفق بالنسبة لها وما عليها سوى الاستسلام كما اعتادت. ولكن كثيرا ما تبدأ معاناة أشد في بيت الزوجيه؛ خلف تلك الجدران تصبر وتصمد المرأة خوفا من الوصمة الاجتماعية، وإن تجرأت على الحديث أو النقاش تتعرض للضرب، فتلجأ الفتاة لمحاولات الانتحار المتكررة. ويبقى عدد الضحايا مجهولا في تلك المجتمعات أين لا أحد يعلم كم من فتاة كان العنف المنزلي سببا في وفاتها. وإن حديث فتاة أو امرأة عن قضية مثل هذه القضايا يعتبر إثما عظيما لا مجال له بين تلك العقول محدودة الأفق.
 
تتدرج مراحل نشأة الفتاة من فتاة إلى امرأة ثم إلى أم وآلة للإنجاب ومربية أطفال، وأحيانا كثيرة ورغم ظروف الحجر الصحي المفروضة حاليا تعمل المرأة خارج المنزل أعمالا شاقة نظرا للوضع المادي المتردي للأسرة ورغم عملها هذا تظل تؤدي واجباتها المنزلية بإخلاص بلا حقوق تؤدى إليها أو تحفظ. وأحيانا كثيرة أيضا لا تحظى المرأة بالتعليم، فالتعليم يعد رفاهية نسبة للفقر الذي قد تعيشه أو عدم الإيمان بأهميته. ويعتقد الكثير أن المرأة إذا  تعلمت ستتغير مفاهيمها إلى مفاهيم لا تلائمهم فيحاولون تضييق وعي المرأة لخدمة مصالحهم وأنانيتهم.
 
صوت المرأة غير مسموع  هناك وحياة المرأة بلا طعم والويل لها إن كان حظها من الإنجاب بنات حيث تصبح مكافأتها الزواج من أخرى أو الإهانة التي ستتردد للأبد على مسامعها. في ظل مجتمع يفضل إنجاب الذكور وإجبار المرأة على الحمل المتتالي  حتى تأتيهم بالورثة والسند أي الذكور. والويل لها إن رفضت الإنجاب. تزايدت معدلات الإجبار على الحمل في فترة الحجر الصحي بدون تنظيم وعدم حصول الكثير من النساء على مستلزمات الصحة الجنسية والانجابية أو منعهن منها عمدا فتجبر المرأة حتى وإن واجهت مشاكل صحية من الحمل على أن تصمت خوفا على أبنائها الصغار المتقاربين عمرا وخوفها عليهم يفوق خوفها على نفسها وعلى فقرها، كما تجبرها حاجتها إلى معيل على البقاء مع زوج يضربها ليلا ونهارا، وخوف من المجتمع إذا أرادت أن تنفصل فيصبح الطلاق وصمة عار تكون المنبوذة في مجتمع يجد سكينته في إهانة الضعيف ويبرز عضلاته ويفتلها ويتفنن في إذلالها. في الأيام العادية، كان غياب الزوج هو المتنفس. كانت فرصة لأن ترتاح قليلا من معاناتها.
 
ما أن تكبر إحدى بناتها قليلا يستوجب المجتمع ختان البنات سرا بعيدا عن السلطات والرقابة. للأسف، السماح للرجل بأن يفرض رجولته على امرأة ضعيفة شعور مخز. فمن المؤسف أن يكون وجود الزوج أو الأب أو الأخ في المنزل خلال الحظر مأساة بالنسبة لها رغم أنهم من تلتمس المرأة عندهم الحنان والأمان في وجودهم. للأسف بين جدران الكثير من المنازل أحلام نساء ذبلت وموت بطيء وطعنات من الأقربين أشد ألما من الغريب. هذا حال كثير من النساء في مجتمعاتنا في أفريقيا، الأمر الذي يحتاج إلى تحقيق ورصد إحصائيات.
 
أيتها المرأة أنت عظيمة. لم تكوني في يوم أقل شأنا من الرجل. كوني دائما قويه ولا تلتفتي لمن يهينك أو من يقلل من شأنك. لا تلقي السماع لمن ينادونك ببايرة. لا تستسلمي لمن يكسر مجاديف أحلامك الخضراء في مجتمع نظرته لك سوداء داكنة. كافحي من أجل حقوقك في الحياة!
 
الوضع الحالي صعب جدا وخطير لكل امرأة تعاني من العنف والعنف المنزلي  صعب على كل امرأة  إن هي حاولت أن تنقذ نفسها بالإتصال على الخط الساخن لمكافحة العنف ضد المرأة فيزيد العنف الأسري عليها. الأثر السلبي  العميق والضرر المرئي وغير المرئي  يحملنا على أكتافنا رسالة يجب أن تصل، و يستوجب علينا المشاركة والبحث والحديث عن حلول مختلفة ومرنة. الحل بأن يصل الوعي لكل المجتمعات والطبقات المهمشة في المجتمع، الحل بالتعليم ووضع منهج متخصص في الحقوق الإنسانية، الحل أن تقام ورشات توعوية  مع كل مجتمع بلغته؛ وأقصد هنا بما يناسب إدراكه وبالطريقة التي يمكن أن تغير فيه وتؤثر في قراراته. الحل في تمكين المرأة وزيادة ثقتها وقوتها لمواجهة الحياة. الحل بإعلام متمكن يخدم قضايا المرأة.
 
نظل جميعنا نحلم بمجتمع يتفهم الصحة النفسية والانجابية والجسدية لكل امرأة في أي مكان في أفريقيا. نحلم بأن يصل صوت المرأة في أي مكان عاليا مسموعا وأن نحارب الخوف والوصمة الاجتماعية. لكي تعيش أي امرأة حياة أفضل  يجب أن تنجو من العنف والعنف المنزلي فالمرأة هي المجتمع ولا بد للمجتمع أن ينشأ سليما معافى. 
 

 

Fadwa Dafallah is a Sudanese amateur writer. She has a Bachelor’s with Honours from the Sudan University of Science and Technology in electronic engineering and is currently pursuing a degree in dentistry. Fadwa is an expert at the Sudan Knowledge Platform. She also works on SDGs and societal issues with focus on domestic violence.
Fadwa considers herself as a creative and proactive person who is interested in volunteering and who has great skills in communication
 
 
 
 

 

Special Page Tags: